[مسألة 527] المرتد: هو من خرج عن دين الاسلام بعد ان كان فيه. وهو على قسمين باعتباره مسلماً اصلياً أو غيره.
القسم الاول:المرتد الفطري: وهو الذي ولد على الاسلام وبلغ مسلماً، وكان من أبوين مسلمين او احداهما كذلك.
القسم الثاني: المرتد الملي : وهو من ولد على الكفر من ابوين كافرين وبلغ كافراً ثم أسلم ثم ارتد.
[مسألة 528] المرتد الفطري يجب قتله، وتبين منه زوجته، وتعتد عدة الوفاة، وتقسم امواله الموجودة في ملكه حال ردته، تقسم بين ورثته. ولا تقبل توبته ظاهراً، وان كان الارجح قبولها باطناً.
[مسألة 529] المرتد الملي يستتاب. فان تاب خلال ثلاثة أيام، فهو، والا قتل في اليوم الرابع. ولا تزول عنه املاكه، ولا تقسم بين ورثته، وينفسخ العقد بينه وبين زوجته، وتعتد عدة المطلقة ان كان مدخولا بها.
[مسألة 530] يشترط في تحقق الارتداد عدة أمور:
الامر الاول: البلوغ. فلا أثر لارتداد الصبي. كما انه لو ارتد صغيراً وبلغ كافراً، لم يطبق عليه الحكم على الاحوط [[1]] . كما ان الكافر الاصلي اذا أسلم صغيراً وبلغ مسلماً ثم ارتد، لم يطبق عليه الحكم. والمراد بالصبي هنا، من كان مميزاً. الامر الثاني: العقل. فلا أثر لارتداد المجنون، ولو كان ادوارياً حال جنونه. ولكن لا اعتبار بالعوارض العقلية والنفسية الاخرى، كالسفه والانعزالية والعصبية ونحوها. فانها جميعاً موضوع للحكم.
الامر الثالث: الاختيار. فلا اعتبار لمن أظهر الكفر تقية او اكراهاً او حرجاً.
الامر الرابع: القصد. فلا يقع الارتداد فيما يقوله الفرد بلا قصد، كالهازل والساهي والغافل والمغمى عليه ونحوهم. ولو صدر منه حال غضب غالب او حزن شديد لا يملك معه نفسه، لم يحكم بالارتداد.
الامر الخامس: وجود التلفظ بما يوجب الارتداد. فلا عبرة بما يحصل في النفس بدون لفظ الا ان ينطق بلسان. حتى لو كان ذلك عن قناعة، فضلا عما اذا كان ساخطاً عليها. فان حصل عن قناعة - والعياذ بالله - كان منافقاً، ولم يكن مرتداً. كما لا عبرة باللفظ الذي لا يوجب الارتداد, وان كان في نفسه حراماً، غير انه لا يترتب عليه الحكم، كالتشكيك في الحكمة او الوسوسة في الخلق او الاعتراض على القدر او على افعال المعصومين عليهم السلام.
[مسألة 531] لا يتعين ان يكون اللفظ الذي به الارتداد، جازماً بالباطل، بل يكفي التشكيك بما هو حق. باعتباره مضاداً لليقين بما يجب الاعتقاد به من الحق. فيعتبر مرتداً.
[مسألة 532] لو ظهر منه ما يوجب الارتداد، فأدعى الاكراه مع احتماله، او ادعى عدم القصد وسبق اللسان مع احتماله قبل منه. ولو قامت البينة على صدور كلام منه موجب للارتداد، فادعى ما ذكر مع احتماله في حقه، قبل منه.
[مسألة 533] اذا كان للمرتد- بقسميه- ولد صغير، فهو محكوم بالاسلام ويرثه، ولا يتبعه في الكفر. وان كفر والداه معاً. نعم. اذا بلغ وأظهر الكفر، حكم بكفره. ولو ولد للمرتد بعد ردته، كان الولد محكوماً بالاسلام أيضاً. اذا كان انعقاد نطفته حال اسلام أحد أبويه، بل مطلقاً
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . على الاقوى. [مسألة 534] من كان بحكم الاسلام من الصبيان ولكنه بلغ كافراً، لم يترتب عليه حكم المرتد الفطري، بل يستتاب، فان تاب ، فهو ، والا قتل. لايفرق في ذلك بين ما اذا كان أبوه مسلماً او مرتداً فطرياً او ملياً او كلا والديه او أحدهما كذلك.
[مسألة 535] اذا ارتدت المرأة ولو عن فطرة، لم تقتل. ولكنها تبين من زوجها وتعتد عدة الطلاق. وتستتاب، فان تابت، فهو، والا حبست دائماً وضربت في اوقات الصلاة، واستخدمت خدمة شديدة، ومنعت من الطعام والشراب الا ما يمسك رمقها، وألبست خشن الثياب، حتى تتوب او تموت.
[مسألة 536] اذا تكرر الارتداد من الملي لم يقتل. واذا تكرر من المرأة، فأن لم يكن قد سبق لها حد، لم تقتل أيضاً. وان سبق لها الحد مرتين، قتلت في الثالثة.
[مسألة 537] اذا تاب المرتد الفطري بينه وبين الله تعالى، قبلت توبته، ولم يجز له تسليم نفسه الى القضاء الشرعي، لانه يتسبب بذلك الى قتل مسلم.
[مسألة 538] اذا رتب الحاكم الشرعي آثار الارتداد على المرتد الفطري، ولكنه استطاع الهرب من القتل. أمكنه بناء حياة ثانية، وان بانت منه زوجته وقسمت تركته. وذلك بتجديد العقد على زوجته، فأنها لا تحرم عليه مؤبداً، او الزواج باخرى. وبالاكتساب لاموال جديدة. وهذا واضح لو تاب. وأما لو لم يتب فهو سيعمل ذلك اهمالا للحكم الشرعي.
[مسألة 539] لو جن المرتد الملي بعد ردته، وقبل اعلانه التوبة، لم يقتل. ولو طرأ الجنون بعد استتابته وامتناعه المبيح لقتله, قتل. كما يقتل الفطري اذا عرض له الجنون بعد ردته.
[مسألة 540] لو تاب المرتد الملي، فقتله من يعتقد بقاءه على الردة، فعليه القصاص، الا ان يعتقد بامتناعه عن التوبة، فعليه الدية.
[مسألة 541] لو قتل المرتد الذي يجب قتله، مسلماً عمداً، فلولي الدم قتله قوداً. وهو مقدم على قتله بالردة. ولو عفا الولي او صالحه على الدية، دفعها ثم قتل بالردة.
[مسألة 542] يثبت الارتداد بالعلم وبشهادة عدلين وبالاقرار مرة واحدة، وان كان الاحوط[[1]] التكرار. واما اذا كان الاقرار اقراراً بالكفر، فهو بمنزلة العلم. ولا يثبت بشهادة النساء, منفردات ولا منضمات، ما لم يحصل من شهادتهن العلم العرفي. [مسألة 543] غير الكتابي اذا اظهر الشهادتين, حكم باسلامه، ولا يجب التفتيش عن باطنه. بل الحكم كذلك حتى مع قيام القرينة، بالظن بان اسلامه انما هو للخوف من القتل. بمعنى عدم ترتيب آثار الكفر عليه عندئذ. واما ترتيب آثار الاسلام عليه مع وجود هذه القرينة, فمشكل، كالحكم بطهارته وجواز تزويجه والصلاة خلفه. واما الكتابي فقال جماعة : بعدم الحكم باسلامه في هذا الفرض. والظاهر كونه مشمولا للتفصيل الذي قلناه.
[مسألة 544] اذا صلى المرتد او الكافر الاصلي، في دار الحرب او دار الاسلام، كان ذلك سبباً لدخوله في الاسلام. لاحتواء الصلاة على التلفظ بالشهادتين، مالم تقم قرينة على الخلاف.
[مسألة 545] يجوز تزويج المرتد بقسميه بالمسلمة، ولكنه شديد المرجوحية، فهو بحكم الاسلام من هذه الناحية. ولا يفرق في ذلك بين المسلمة وغيرها وبين العقد الدائم والمنقطع وملك اليمين.
[مسألة 546] اذا ارتد الولي بالاصل وهو الاب او الجد خرج عن الولاية على ولده الصغير، وعلى نكاح بنته الباكر. ولو تاب عادت له الولاية.
[مسألة 547] لا يتعين في المرتد اختيار العقيدة التي يرتد نحوها. بل يترتب عليه الحكم
[[1]
] مقتضى القاعدة , الاحتياط استحبابي . مطلقاً. فالمسلم الاصلي اذا أصبح كتابياً او مشركاً او معطلا، كان مرتداً فطرياً. والمسلم الملي اذا عاد الى ملته الاولى او الى غيرها, او اصبح معطلا او غير ذلك، كان مرتداً ملياً. [مسألة 548] يتحقق رجوع المرتد عن ارتداده, بالتلفظ بالحق الذي جحده. ولا يكفي القصد. فان كان ارتداده بانكار التوحيد تلفظ به، وان كان بانكار النبوة, تلفظ بها. وهكذا، ولا يكفي اظهار عدم اعتقاده بما كان يعتقده من الباطل، او بيان انه باطل.
[مسألة 549] اذا انكر ضرورياً من ضروريات الدين, حكم بارتداده, اذا رجع الى تكذيب الشريعة او صاحبها. واما اذا لم يرجع الى ذلك, كان باطلا, ولم يكن مرتداً. كما اذا انكر تحريم حرام او وجوب واجب.