[مسألة 436] من شرب المسكر او الفقاع مع الاختيار والعلم بالحكم والموضوع والبلوغ والعقل , وجب عليه الحد. سواء كان مسكراً فعلا أم لا , سواء شرب منه قليلا او كثيراً.
[مسألة 437] خرج بقيد الاختيار ما اذا شربه للاكراه , او للتقية، او للاضطرار، لحفظ نفسه من الهلاك , فلا حد.
[مسألة 438] ولو كان جاهلا بحرمة شرب المسكر , او جاهلا بكون هذا المائع الذي يشربه مسكراً، لم يحد.
[مسألة 439] الاحوط ان يكون المدار صدق عنوان الشرب , فلو لم يصدق ، لم يجب الحد وان اسكر. وهو لا يصدق على التزريق عن غير طريق الفم جزماً. بل لا يصدق أحيانا عن طريق الفم أيضاً كالتلمظ بالقطرة والقطرتين. وكذلك شرب مائع آخر قد استهلك فيه الخمر , فانه لا يصدق شرب الخمر قطعاً , فلا يجب الحد , وان حرم الشرب.
[مسألة 440] لا فرق في المسكر بين انواعه , كالمتخذ من العنب وهو الخمر, او المتخذ من التمر وهو النبيذ، او المتخذ من الزبيب وهو النقيع , او المتخذ من العسل وهو البتع [[1]] , او المتخذ من الشعير وهو المرز , او المتخذ من الحنطة او الذرة او الخشب او أي شيء اخر. ما دام مسكراً يحرم شربه , سواء قلنا بنجاسته أم لم نقل. ولو عمل المسكر من شيئين من الامور السابقة او من واحد منها ومن غيرها, فعليه الحد. [مسألة 441] يلحق بالمسكر في وجوب الحد الفقاع. وان فرض كونه غير مسكر , بل وان قلنا بطهارته. الا ان شربه حرام على أي حال , وفيه الحد.
[مسألة 442] لا اشكال في الحرمة والحد في شرب المسكر الممتزج بغيره اذا صدق عليه عنوان المسكر , بأن كان غيره مستهلكاً فيه. كما لا اشكال في الممتزج بغيره بحيث لا يصدق عليه العنوان لكن مع بقاء الاسكار. ولو زال الامران وهما العنوان والاسكار , للاستهلاك في غيره , كالادوية والاغذية , فان قلنا بطهارته , فلا اشكال في جواز اكله وشربه وعدم الحد عليه. وان قلنا بنجاسته وحرمة شربه , فالمشهور وجوب الحد , الا انه محل اشكال بل منع.
[مسألة 443] لو شرب المسكر مع علمه بالحرمة، وجب الحد , ولو جهل انه موجب للحد. ولو شرب مائعاً بتخيل انه مسكر فاتضح انه ليس بمسكر او كان بتخيل انه ليس بمسكر فبان مسكراً , لم يحد. ولو علم بان المائع مسكر , وكان مسكراً فعلا , الا انه تخيل ان ما عليه الحد هو ما اسكر فعلا. فشرب منه قليلا دون الاسكار , فالظاهر وجوب الحد.
[مسألة 444] لا اشكال في حرمة شرب العصير العنبي سواء غلي بنفسه او بالشمس او بالنار , الا ان ينقلب خلا. او يذهب ما غلا بالنار ثلثاه. وهذا الاخير لم يثبت كونه مسكراً , فتكون اقامة الحد على شربه محل اشكال , بل منع , وان حرم شربه. واما شرب العصير بوجوده الطبيعي قبل تخميره , فلا اشكال في جوازه , سواء كان للعنب او للزبيب او لغيرهما.
[مسألة 445] يثبت شرب المسكر بشهادة عدلين , وبالاقرار مرة واحدة. سواء اقر بقصد الترافع امام القضاء او صدفة. لكن يجب ان يكون المقر بالغاً عاقلاً مختاراً. ولا يثبت الشرب بشهادة النساء لا منضمات ولا منفردات. ما لم يحصل العلم او الاطمئنان من شهادتهن.
[[1]
] في فقه الرضا علي بن بابويه انه روى ان رسول الله 9قال : الخمر حرام بعينه والمسكر من كل شراب , فما اسكر كثيره فقليله حرام , ولها خمسة اسام , العصير من الكرم وهي الخمر الملعونة , والنقيع من الزبيب , والبتع من العسل , والمزر , من الشعير وغيره , والنبيذ من التمر , واياك ان تزوج شارب الخمر فان زوجته فكأنما قُدت الزنا . . .الخ . [فقه الرضا علي بن بابوية ص280] ــ وعن ايضاح الفوائد ج 4 لابن العلامة ص 156 [ المرز : المرز من الشعير] [مسألة 446] يعتبر في الاقرار به ان لا يقترن بشيء يحتمل معه جواز الشرب. كقوله : شربت للتداوي او مكرها. ولو اقر بنحو الاطلاق وقامت القرينة على انه شربه معذوراً، لم يثبت الحد. ولو اقر بنحو الاطلاق ثم ادعى عذراً محتمل الصدق عليه , قبل منه. كما لا يكفي في ثبوت الحد وجود النكهة والرائحة.
[مسألة 447] اذا اختلف الشاهدان , فان لم يكن اختلافهما مؤدياً إلى احتمال تعدد الواقعة , ثبت الشرب والحد , كما في الاطلاق في أحدهما والتقييد في الآخر. واما اذا كان مؤدياً إلى ذلك، لم يثبت الحد , كما لو اختلفا في نوعية المشروب هل هو الفقاع او الخمر , او مكان الشرب او زمانه. واولى بعدم الحد , ما اذا شهد أحدهما بما يوجب العذر , كالجهل بالحكم أو الموضوع. فانه لا يحد , وان لم يشهد الآخر بذلك.
[مسألة 448] حد الشرب ثمانون جلدة , سواء كان الشارب رجلا أم امرأة.
[مسألة 449] يحد الكافر حد الشرب، اذا كان كتابياً ذمياً وغير متجاهر بالشرب , فشرب متجاهراً , بل يحد مطلق المتجاهر من الذميين. وأما غيرهم من الكفار ففي ثبوت الحد عليهم اشكال. ولكن لا يخلو من وجه مع التجاهر وثبوت الحرمة في دينهم , كما هي في ديننا.
[مسألة 450] يضرب الرجل الحد مجرداً عن الثياب بين الكتفين. وأما المرأة فتجلد مع وجوب ثوب ساتر غير مانع من ألم الضرب.
[مسألة 451] اذا شرب الخمر مرتين او اكثر , فان لم يحد بينهما حد بعدهما. وان تكرر الحد مرتين , قتل في الثالثة. وكذلك الحال في سائر المسكرات.
[مسألة 452] لو شهد رجل واحد بشرب الخمر , وشهد آخر بقيئها , لزم الحد. نعم، اذا احتمل في حقه الاكراه او الاشتباه، لم يثبت الحد. وكذلك الحال , فيما اذا شهد كلا الشاهدين بالقيء.
[مسألة 453] المسلم اذا شرب الخمر مستحلا , فان احتمل في حقه الاشتباه , كما اذا كان جديد عهد بالاسلام. او كان بلده بعيداً عن بلاد المسلمين، لم يقتل. وان لم يحتمل ذلك في حقه، كان مرتداً , وتجري عليه احكام المرتد , كل بحسبه من الملي او الفطري او الرجل او المرأة , كما هو مذكور في محله. وكذلك الحال في استحلال سائر المسكرات , بل سائر الاطعمة المحرمة كالخنزير والميتة , بل سائر الضروريات في الدين.
[مسألة 454] اذا تاب شارب الخمر , توبة نصوحاً , قبل قيام البينة سقط عنه الحد , واولى منه ما اذا تاب قبل رفع امره للحاكم. واما اذا تاب بعد قيام البينة , او احرزنا ان توبته من أجل درء العقاب عنه , فلا اشكال في ثبوت الحد عليه.
[مسألة 455] ان اقر شارب الخمر بفعله , وعرف منه الشعور بالذنب , ولم تكن هناك بينة , فالحاكم مخير بين العفو عنه واقامة الحد عليه.
[مسألة 456] ما يحصل في الحد او التعزير , أيا كان سببه , من جروح او من مرض، ونحو ذلك، لا يكون مضموناً على الاطلاق مع صدق الحكم. واما الموت , فان كان الحد قاتلا , كالرجم , فلا اشكال في عدم ضمانه.واما مع عدمه وادى إلى الوفاة , مع عدم التجاوز , فالظاهر عدم الضمان , ايضاً. ولكنه أحوط استحبابا من بيت المال. واما مع كذب الشهود، فقد سبق في عدة مسائل كونه مضموناً عليهم او على المدعي. بخلاف كذب الاقرار , فانه غير مضمون.