المورد الرابع عشر: الافضاء.
وهو جعل مسلك البول والدم واحدا. وفيه الدية كاملة, اذا كان المفضي اجنبيا. سواء أفضاها بالجماع ام بغيره. وكذا لو جعل مسلك الدم والغائط واحد. واما لو جعل الثلاثة واحدا, فهل عليه ديتان أم واحدة ؟. الاحوط[[1]] الاول، والاحوط[[2]] ان تكون بنحو الحكومة. ولو كان المفضي هو الزوج فان كان بغير الجماع, فعليه الدية. وان كان بالجماع, فان كان قبل بلوغها تسع سنين, فطلقها, فعليه الدية ايضا. وان لم يطلقها او كان ذلك بعد بلوغها تسع سنين, فلا شيء عليه. هذا في جعل مسلك البول والدم واحدا. واما لو جعل المسلك الغائط واحدا مع مسلك الدم او المسلكين، فعليه الدية، بالتفصيل السابق سواء كان بالجماع او غيره. المورد الخامس عشر: تقلص الشفتين.
قال الشيخ: ان فيه دية كاملة. وهو لا يخلو من اشكال. والاقرب ان فيهما ثلث الدية، وفي احداهما, نصف ذلك. والاحوط[[3]] ان يكون بنحو الحكومة. المورد السادس عشر: العقم.
وهو مما لم يذكره الفقهاء فيما اعلم. ومقتضى القاعدة, وجوب الدية الكاملة فيه, اذا كان عقما دائما. لا يختلف في ذلك الصغيرة والكبيرة والمتزوجة وغيرها، سواء كان الجاني هو الزوج او غيره، بالافضاء او باي سبب اخر, كالدواء او العملية الجراحية. وسواء كان برضا المرأة المجني عليها او بدونه. نعم، لو كان برضاها، فالاحوط[[4]] لها ابراء ذمة الجاني, وخاصة اذا كان هو الزوج. والاحوط[[5]] اثبات الدية بنحو الحكومة. [مسألة 1118] عقم الرجل, كعقم المرأة في ذلك، بكل هذه التفاصيل.
[مسألة 1119] لو كان العقم موقتا، فان كان برضاء الزوجة الحرة العاقلة الرشيدة المسلمة، فلا شيء عليه، وان كان بغير رضاها, ففيه الحكومة, ولا ينبغي ان تقل عن ثلث الدية.
[مسألة 1120] ليس من العقم موانع الحمل, بتناول الادوية والحبوب, حتى وضع
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[3]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[4]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[5]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [اللولب] , فلا دية عليه, غير ان من الاحوط وجوبا اجتناب وضعه. [مسألة 1121] ان تسبب العقم من قلع, الرحم بجناية, او الجهاز التناسلي الباطن للرجل، تداخلت الديات. وكان على الجاني دية واحدة، كما قلنا في الاعضاء الباطنة . وكذا ان تسبب عقم المرأة, بامتناع العادة الشهرية, وعقم الرجل بتعذر الانزال . وأما لو تسبب بشيء اخر، فان كان جناية, كالضرب والجرح ونحوه، لم تتداخل الديات. وان لم يكن جناية, كتناول الدواء، لزم دفع دية خاصة.
المورد السابع عشر: شلل الاعضاء.
في شلل كل عضو, ثلث دية ذلك العضو. وان كان الاحوط [[1]] وجوب ديته الكاملة. الا الذكر, فان في شله, دية النفس الكاملة. مع ملاحظة: انه ليس الشلل هو العنن, بل اشد منه. [مسألة 1122] في انصداع السن, ثلث ديته على المشهور, والاقرب الحكومة.
[مسألة 1123] كل ما قلناه عن قطع الاعضاء او المنافع، انما تثبت الدية اذا كان بنحو غير مطلوب عقلائيا، فيصدق عليه الاعتداء والجناية. واما اذا كان بنحو مطلوب عقلائيا، كاستئصال العضو, لمرض او غيره، او كان ذلك من مضاعفاته القهرية، فلا دية ولا حكومة.
[مسألة 1124] في ذهاب المنافع التي لم يقدر لها دية, الحكومة, كالنوم وحصول الخوف والرعشة والاغماء وحصول الامراض باصنافها.
المقصد الرابع
ديات الشجاج والجراح
اعلم انهم في تفسير اصطلاحات الجراحات والشجاج مايلي، مع العلم ان الظاهر انها كان مفردات مستعملة عند العرب، ثم ترك بعضها, وبقي على شكل اصطلاح فقهي. ولابد الان من معرفتها تسهيلا لفهم ما ياتي من الكلام, ولا نكون مضطرين لتكرار التفسير كلما احتجناه.
وقد تكلم الفقهاء عنها بالترتيب، حيث قالوا: اولها: تسمى [ الخارصة], وهي التي تخدش ولا تجري الدم. ثم [الدامية], وهي التي منها الدم، ثم [الباضعة], وهي التي تبضع اللحم وتقطعه. ثم [المتلاحمة], وهي التي تبلغ في اللحم. ثم [السمحاق], وهي التي تبلغ العظم، والسمحاق جلدة رقيقة على العظم. ثم [الموضحة], وهي التي توضح العظم وتظهره. ثم [الهاشمة], وهي التي تهشم العظم وتكسره. ثم [المنقلة], وهي التي تنقل العظام عن الموضع الذي خلقها الله تعالى فيه. ثم [المامومة], وهي التي تبلغ ام الدماغ, وهي القشرة الرقيقة التي على المخ . ثم [الجائفة], وهي التي تصير في جوف الدماغ.
والظاهر صدق الاصطلاحات على الراس وغيره. وهذا واضح في غير الأخيرتين، بل بعضها كالنص في غيره، كالمتلاحمة، اذ لا يوجد لحم معتد به عرفا في جانب الراس. اما الاخيرتين فيمكن ان تقاس بالنسبة الى النخاع الذي في داخل كل عظم. فان بلغت الضربة الى قشرته, ولم تدخل فيه, فهي مامومة وان دخلت فيه, فهي جائفة. وان كسرت العظم, ولم تبلغ النخاع اصلا, فهي هاشمة, وهكذا. ولكل من هذه الاصناف من الجنايات دية كما يلي:
أولا : الخارصة, بالمهملات، وفيها جزء من مئة جزء من الدية, والاولى أن تكون بنحو الحكومة.
ثانيا : الدامية. وفيها بعيران. والاولى ان تكون بنحو الحكومة.
ثالثا : الباضغة. وفيها ثلاث أباعر.
رابعاً : المتلاحمة. وفيها الحكومة, والاولى ان تكون ثلاث اباعر.
خامسا : السمحاق. فيها اربع من الابل.
سادسا : الموضحة. فيها خمس من الابل .
سابعا : الهاشمة. وفيها عشرة من الابل. ويتعلق الحكم بكسر العظم، وان لم يكن جرح.
ثامناً : المنقلة. وفيها خمس عشرة من الابل. ويتعلق الحكم بالنقل وان لم يكن هناك جرح .
تاسعاً : المأمومة. وفيها ثلث الدية. ويكفي فيها ثلاث وثلاثون من الابل.
عاشرا: ألجائقه. وفيها ما في المامومة. ويمكن ان تزيد عليها بالحكومة. أي بما يراه الحاكم مصلحة من الزيادة. وتسمى [الدامغة], اذا كانت على الدماغ خاصة، وهي التي تصل الى جوف الدماغ, وهي لاتكون إلا في الرأس. فالدامغة, هي جائفة في الرأس. والجائفة, عامة للبدن كله.
[مسألة 1125] فيما ذكرناه من المراتب, تدخل المرتبة الدانية في الاعلى منها اذا كانتا بجناية واحدة عرفا, واما اذا كانتا بجنايتين في زمانين, فلكل منهما ديته. من دون فرق بين ان تكونا من شخص واحد او شخصين.
[مسألة 1126] لو اوضح موضحتين ، فلكل منهما ديته . ولو اوصل اخر احدى الموضحتين بالاخرى بجنايه ثالثة، فعليه ديتها. ولو كان ذلك بفعل المجني عليه, فهو هدر. وان كان بفعل الجاني او بالسراية، فهل يوجب ذلك اتحاد الموضحتين ؟ او موضحة ثالثة ؟ او فيه تفصيل ؟ وجوه, بل اقوال، والاقرب انه موضحة ثالثة, اذا كان بفعل الجاني. واما اذا كانت بالسراية ففيها الحكومة.
[[1]
] مقتضى القاعدة , الاحتياط استحبابي . [مسألة 1127] اذا اختلفت مقادير الشجة في الجناية الواحدة، اخذت دية الابلغ عمقا, وتدخل فيها دية الاقل, ولا تجب المضاعفة. كما اذا كان مقدار منها خارصة ومقدار منها متلاحمة، والابلغ عمقا هي الموضحة, فالواجب هو دية الموضحة. [مسألة 1128] اذا جرح عضوين مختلفين لشخص، كاليد والراس، كان لكل عضو حكمه. فان كان جرح الرأس, موضحة, وجرح الاخر, خارصة، وجب دفع كلتا الديتين سواء كان الجرحان بضربة واحدة أم بضربتين. ولكن لو جرح بجناية واحدة, من عضو واحد, موضعين جرحاً متصلاً ، كالجبهة والرأس او الذراع والكف، ففيه دية واحدة. وان كان الاحوط[[1]] اكيدا خلافه. [مسألة 1129] لو جنى شخص بموضحة، فجنى اخر بجعلها هاشمة، وجنى ثالث بجعلها منقلة ورابع بجعلها مامومة: فعلى الاول, خمس من الابل. وعلى الثاني, خمس من الابل [وهو مابه التفاوت بين الموضحة والهاشمة] وعلى الثالث, خمس من الابل[ وهو مابه التفاوت بين الهاشمة والمنقلة] وعلى الرابع, ثمان عشرة من الابل[ وهو مابه التفاوت بين المنقلة والمامومة]. وقيل: على الثاني, كل دية الهاشمة وعلى الثالث, كل دية المنقلة وعلى الرابع, كل دية المامومة. والاول اقرب واحوط[[2]] . [مسألة 1130] من تطبيقات القاعدة التي عرفناها في المسألة السابقة, ما لو كانت الضربة الاولى, هدرا، لكونها قصاصا او قدراً او من قبل المجني عليه نفسه، فاكملها جان الى التي بعدها أو التي بعدها، واكملها ثالث الى غيرها, وهكذا. فانه لايجب, على الجناة الا مقدار الفرق بين الضربتين.
[مسألة 1131] لو جرح عضو ثم اجافه. مثل ان يشق الكتف الى ان يحاذي الجنب ثم يجيفه، أي يدخل السلاح الى الجوف. فان كان الفاعل اثنان، فقد عرفنا انه يجب على الاول, دية ضربته, وعلى الثاني الفرق بين الضربتين. وان كان الفاعل واحدا في زمانين وجب عليه دفع كلا الامرين المذكورين. وبالنتيجة فهو يدفع دية الجائفة, وكذا اذا كان الامر في زمان واحد .
[مسألة 1132] لو اجافه, كان عليه دية الجائفة، ولو ادخل في جوفه المثقوب سكينا ولم يزد، فعليه تعزير. وان زاد ظاهرا فقط او باطنا كذلك، ففيه الحكومة. وكذا لو زاد فيهما معا مع اختلاف مقدار الحكومة.
[مسألة 1133] لا فرق في هذه الجروح بين ما يكون, بضغط, كالسكين والخنجر, او برمي, كالحجر والبندقية. كما لا فرق فيها بين الصغير والكبير والذكر والانثى[ الا اذا بلغت الثلث, فتعود الى النصف]. ولا بين المؤمن والمسلم, بمختلف مذاهبهم ما لم يحكم بكفرهم. وتشمل الذمي أيضا، ما لم تزد على اصل ديته, وهي ثمانمائة درهم, بحسب القيمة السوقية، فلا يجب الزائد. واما العبد, فديتة القيمة،وتدفع الى مولاه, ما لم تبلغ دية الحر، فلا تزيد عليها.
[مسألة 1134] لو كانت الجائفة مخيطة، ففتقها شخص. فان كانت باقية بحالها غير ملتئمة، ففيها الحكومة. وان كانت ملتئمة فهي جائفةجديدة, وعليه ديتها. وكذا كل ضربة اذا فتقها من جديد.
[مسألة 1135] لو طعنه في صدره, فخرج السلاح من ظهره, كرمح او طلقة بندقية او غيرها. فهل عليه دية واحدة, لوحده الطعنة, او متعددة لكونها في جانبي الجسد؟ والثاني , اقرب. فتكون جائفتان . والاحوط استحبابا جعل الثانية بنحو الحكومة.
[مسألة 1136] في دية خرم الاذن, خلاف . قيل: انها ثلث ديتها, وفيه اشكال, والاظهر الرجوع الى الحكومة، ولتكن الحكومة بالمقدار المشار اليه.
[[1]
] مقتضى القاعدة , الاحتياط استحبابي .[مسألة 1137] لو كسر الانف, ففسد، فالمشهور بين الاصحاب, ان فيه دية كاملة. وهو الظاهر اذا كان الفساد مساوقا للازالة عرفا. بخلاف ما لو لم يكن كذلك، فان الاقرب فيه الرجوع الى الحكومة. [مسألة 1138] اذا كسر الانف, فجبر على غير عيب ولا عثم ، فالمشهور ان ديته مائة دينار. وهو لا يخلو من اشكال. بل لا يبعد فيه الرجوع الى الحكومة وكذا الحال فيما اذا جبر على عيب وعثم, مع اختلاف في مقدار الحكومة عن المورد السابق.
[مسألة 1139] اذا نفذت في الانف نافذة، فان انسدت وبرأت قيل: ان فيها خمس دية روثة[[1]] الانف. وما اصيب منه, فبحساب ذلك. والظاهر ان فيه الحكومة على كل حال. وان لم تنسد, فديته ثلث ديته. وان كانت النافذة في احد المنخرين الى الخيشوم, فديتها عشر دية روثة الانف. وان كانت في احد المنخرين الى المنخر الاخر، او في الخيشوم الى المنخر الاخر, فديتها ستة وستون دينارا وثلثا دينار. والاحوط[[2]] جعل كل ذلك بنحو الحكومة . [مسألة 1140] اذا انشقت الشفة العليا او السفلى, حتى بدت منهما الاسنان, ثم برأت والتأمت، ففيه خمس ديتها. وان أصيبت الشفة العليا فشينت شينا قبيحا، فديتها, مائة وثلاث و ثلاثون دينارا وثلث دينار. وان اصيبت الشفة السفلى وشينت شينا قبيحا, فديتها ثلاثمائة وثلاث وثلاثون دينار وثلثاً . والاحوط[[3]] في كل ذلك جعله بنحو الحكومة . [مسألة 1141] في احمرار الوجه باللطمة,دينار ونصف، وفي اخضراره, ثلاثة دنانير, وفي أسوداده ستة دنانير. وان كانت هذه الامور من البدن، فديتها نصف ما كان في الوجه. والاحوط[[4]] فيها جميعا جعلها بنحو الحكومة . [مسألة 142] اذا نفذت في الخد نافذة, يرى منها جوف الفم، فديتها مائتا دينار. فان دووي وبريء ولكن بقي فيه اثر بين وشتر فاحش، فديته خمسون دينارا زائدة على المائتين المذكورة. وان لم يبق به اثر بين وشتر, لم يجب الزائد. فان كانت النافذة في الخدية كلاهما, من دون ان يرى منهما جوف الفم، فديتها مئة دينار. والاحوط[[5]] ان تكون كل هذه الديات بنحو الحكومة . [مسألة 1143] اذا حصلت ضربة موضحة, لشيء من الوجه ، فديتها خمسون دينارا, فان كان لها شين, فدية شينه, ربع دية موضحتة. فان كانت رمية بنصل نشبت في العظم حتى نفذت الى الحنك, ففيها ديتان: دية النافذة, وهي مائة دينار, ودية الموضحة, وهي خمسون دينارا. فان كان جرحا ولم يوضح ثم برئ ، وكان في احد الخدين, فديته عشرة دنانير، فان حصل في الوجه صدع, فديته ثمانون دينارا. فان سقطت منه جذمة لحم, ولم توضح، وكانت قدر الدرهم فما زاد على ذلك, فديته ثلاثون دينارا . الاحوط[[6]] في كل ذلك جعله بنحو الحكومة . والاحوط[[7]] منه جعل الديات منطبقة على عناوين الجراح السابقة من الخارصة والدامية والموضحة وغيرها, بل هو المتعين .
[[1]
] روثة الانف : طرف الارنبة , والارنبة : طرف الانف . وفي كلام الصدوق الروثة من الانف مجتمع مارنة . [مجمع البحرين جـ 2 ص255 ط النجف مطبعة الاداب] [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[3]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[4]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[5]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[6]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[7]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي .