وهي صنفان : المباشرة والتسبيب . ويقع الكلام فيها ضمن عدة مقاصد:
المقصد الاول
الضمان بالمباشرة
[مسألة 896] من قتل نفساً من دون قصد القتل, ولا قصد ما يترتب عليه القتل غالباً , كمن رمى هدفاً فاصاب انسانا ، او ضرب صبيا تأديباً فمات اتفاقاً, ونحو ذلك . فهو القتل الخطأ ، ولا قصاص فيه . وانما فيه الدية, تؤديه العاقلة.
[مسألة 897] يضمن الطبيب ما يتلف, بعلاجه مباشرة اذا عالج المجنون او الصبي مميزا كان او غير مميز ، بدون اذن وليه . وكذا يضمن, لو عالج عاقلا بدون اذنه . وكذلك مع الاذن, اذا قصر. وكذا الصيدلي في كل هذه الصور . وكذا كل من ادعى انه طبيب او صيدلي او مداوي ، فتسبب الى تلف النفس او ما دون النفس . ولا فرق في الطب او الصيدلة بين انواعها واتجاهاتها, كالطب الحديث والقديم وبالتنويم المغناطيسي والوخز بالابر وبالتأثير الروحي, وغيرها.
[مسألة 898] واما اذا كان المريض بالغاً عاقلا, واذن للطبيب في علاجه، ولم يقصر الطبيب . ولكنه آل الى التلف, اتفاقا ، في النفس او ما دونها، فالاقرب هو الضمان . وكذلك الحال في التقصير وعدمه لو عالج حيوانا باذن صاحبه وآل الى التلف .
[مسألة 899] اذا أعطى المريض او وليه او صاحب الدابة البراءة من نتائج المداواة ,وحصل التلف ، فهل يضمن الطبيب ام لا . ذكرنا بعض المسائل السابقة انه لا أثر لهذه البراءة، الا ان تعود استدامتها عرفاً الى افراغ ذمة الطبيب من الضمان بعد انشغالها به .
[مسألة 900] اذا انقلب النائم غير الضئر، فاتلف نفساً او ما د\ونها . فهو من قبيل القتل الخطأ, وتكون الدية على عاقلته .
[مسألة 901] لو اتلفت الضئر [وهي المرضعة] طفلا وهي نائمة بانقلابها عليه او حركتها . فان كانت انما ضاءرت طلباً للعز والفخر ، فالدية في مالها ، وان كانت مضاءرتها للفقر ، فالدية على عاقلتها . وان لم يكن النائم ضئرا, كان من القتل الخطأ والدية على العاقلة .
[مسألة 902] اذا اعنف الرجل بزوجته, جماعاً في قبل او دبر او ضمها اليه بعنف، فماتت. فلا قود. ولكن يضمن الدية في ماله . وكذا الحال في الزوجة اذا اعنفت بزوجها, فمات .
[مسألة 903] من حمل متاعا فأصاب انسانا ، نفسا او ما دونها ، فعليه ديته في ماله . ولا فرق بين يكون المال محمولا على ظهره او رأسه او في يديه او غير ذلك . كما لا فرق بين ان يكون المال المحمول ملكا له أو لغيره . ولكنه اذا كان لغيره, وأصابه التلف او النقصان بهذه الجناية ، فانه انما يكون ضامناً مع صدق التفريط عرفا ، دون ما اذا كان حاملا له بعناية .
[مسألة 904] من صاح على احد فمات . فان كان قد قصد ذلك ، او كانت الصيحة بحيث يترتب عليها الموت عادة ، أما باعتبار صفتها, كالارتفاع او صفة فاعلها, كالركض او صفة سامعها, كالغفلة . فعليه القود ، والا فعليه الدية. وكذا لو سببت الصيحة مرضا مات فيه . هذا فيما اذا علم استناد الموت الى الصيحة, ولو باعتبار انحصار السبب بها . والا فلا شيء عليه . ومثل ذلك ما لو شهر سلاحه في وجه انسان عمدا فمات.
[مسألة 905] لو صاح في وجه آخر, بالتفصيل السابق ، او شهر السلاح في وجهه ، فحصل فيه نقص دون النفس, كالعمى او الصمم او الجنون او غيرها . كان عليه القصاص ، فيما قلنا فيه بالقود في النفس ، والدية في غيره [مسألة 906] لو صدم شخصاً عمدا, غير قاصد لقتله ، ولم تكن الصدمة مما يترتب عليه الموت عادة , فاتفق موته، فديته في مال الصادم. واما اذا مات الصادم, فدمه هدر . ونحوه اذا كانت صدمة المصدوم في غير جسم الصادم ، ولكن تسبب اليها الصادم عمداً ، بالتفصيل المذكور.[مسألة 907] وكذلك يكون دم الصادم هدراً, اذا لم يكن قاصداً للصدم وكان المصدوم واقفا في ملكه او نحوه, مما لا يكون فيه تفريط من قبله . وأما اذا كان واقفا في مكان لا يسوغ له الوقوف فيه ، كما اذا وقف في طريق المسلمين ، وكان ضيقاً ، فصدمه انسان من غير قصد, فمات الصادم ، كان ضمانه على المصدوم.
[مسألة 908] لو اصطدم حران بالغان عاقلان قاصدان ذلك ، فماتا اتفاقا ، ضمن كل منهما نصف دية الآخر , ولا فرق في ذلك بين كونهما مقبلين او مدبرين او جانبيين او مختلفين . وقد يحصل التهاتر في الدية المضمونة فيما اذا اختار ولياّ الدم نفس النوع من اصناف الدية السابقة . واما اذا لم يكونا بالغين او عاقلين او بالاختلاف، فانه يكون ضمان الدية على العاقلة .
[مسألة 909] لو تصادم فارسان بالغان عاقلان حران مالكان لفرسيهما ، فمات الفرسان او تعيبا . فعلى كل واحد منهما نصف قيمة فرس الاخر لدى الموت, او نصف الارش لدى العيب . وقد يحصل التهاتر بالكل مع تساوي القيمة او الارش، وقد يحصل بالبعض مع اختلافهما . ونحو ذلك اذا مات أحد الفرسين وتعيب الآخر .
[مسألة 910] واما اذا كان مالك الفرسين غير الراكبين، ضمن الراكبان, نصف قيمة كل من الفرسين لمالكهما . يعني ان كلا من الراكبين يضمن نصف مجموع قيمتي الفرسين لمالكهما او لمالكيهما . هذا كله [في المسألتين], اذا كان التلف مستندا الى فعل الفارس .
[مسألة 911] واما اذا استند الى امر آخر, كاطارة الريح ونحوها ، مما هو خارج عن اختيار الفارس ، لم يضمن شيئاً .
[مسألة 912] اذا كان الاصطدام في الفرس من طرف واحد او كان منه التعدي , فانه الضامن. ولا ضمان على الطرف الآخر. ويجري ما قلناه في المسائل الاربعة الاخيرة, في غير الفرس من الراكب, سواء كان انسانا ام حيوانا ام سيارة ام قطار ام طائرة ام سفينة، ام غيرها .
[مسألة 913] اذا اصطدم صبيان راكبان بأنفسهما ، او باذن وليهما اذنا سائغاً, فماتا ، فعلى عاقلة كل منها نصف دية الآخر . ويمكن هنا تصور وقوع التهاتر، وان كان فيه بعد .
[مسألة 914] لو اصطدام عبدان بالغان عاقلان ، سواء أكانا راكبين ام راجلين ام مختلفين ، فماتا ، فلا شيء على مولى كل منهما .
[مسألة 915] اذا اصطدم عبد وحر, فماتا اتفاقا ، وكانا بالغين عاقلين، فلا شيء على مولى العبد. ولكن يضمن الحر, قيمة العبد لمولاه من تركته .
[مسألة 916] اذا اصطدم فارسان ، فمات احدهما دون الاخر ، فان كان الاصطدام عمدياً من كليهما ،ضمن الآخر نصف دية المقتول وكان النصف الاخر منها هدراً, وان كان عمديا من الميت، فكله هدرا، وان كان عمديا من الحي، فكله مضمون .
[مسألة 917] اذا اصطدمت امرأتان حائل وحامل، فماتتا . فان كانتا عامدتين، سقطت ديتهما، اما للتغرير بالنفس, واما للتهاتر بين الديتين. واذا قتل الجنين, فعلى كل واحدة منهما نصف ديته, ان كان القتل شبه العمد, والا فالقتل خطأ محض، وتكون الدية على عاقلتها, ومن ذلك يظهر حال ما اذا كانت كلتاهما حاملا .
[مسألة 918] لو رمى حجرا الى طرف قد يمر فيه انسان، فاصاب عابر اتفاقاً, فالدية على عاقلة الرامي. وان كان الرامي قد اخبر من يريد العبور بالحال وحذره, فعبر, وكان الرامي حال الرمي جاهلا بعبوره، فأصابه الرمي فقتله. لم يكن على الرامي شيء. ولو اصطحب العابر صبياً, فاصابه الرمي فمات, فهل ديته على العابر, او على الرامي, او على عاقلتهما ؟. فيه لاف , والاقرب هو التفصيل, فمن كان منهما عالما بالحال, فعليه نصف الدية، ومن كان جاهلا بها, فعلى عاقلته كذلك.[مسألة 919] اذا أخطأ الختان فقطع حشفة غلام, ضمن. ولو قطع بعضها, ضمن بالنسبة. ولو كان عمداً, ثبت القصاص .
[مسألة 920] من سقط من شاهق على غيره اختياراً, فقتله. فان كان قاصداً قتله, او كان السقوط مما يقتل غالباً ، فعليه القود، ولا فعليه الدية. وان قصد السقوط على غيره , ولكنه سقط عليه خطأ, فالدية على عاقلته. هذا اذا بقي الساقط حياً، واما اذا مات هو ايضا، ففي صورة العمد, تكون الدية في تركته، وكذا في شبه العمد, وفي الخطأ على عاقلته. وعلى أي حال، لا ضمان للساقط على من سقط عليه من أي نوع .
[مسألة 921] اذا سقط من شاهق على شخص بغير اختياره، كما لو ألقته الريح الشديدة، أو زلت قدمه فسقط، فمات الاخر, سواء مات الساقط ام لم يمت, فالظاهر ان الدية على عاقلته. وان كان لانتفائها وجه.
[مسألة 922] لو دفع شخصاً على آخر، فأصاب المدفوع شيء، فهو على الدافع بلا اشكال. واما اذا مات المدفوع عليه او تعيب، فالدية على المدفوع, ويرجع بها على الدافع.
[مسألة 923] لو ركبت جارية على جارية اخرى، فنخستها [[1]] جارية ثالثة، فقفزت الجارية المركوبة قهراً وبلا اختيار، فصرعت الراكبة، فماتت، فالدية على الناخسة دون المنخوسة. ولو قيل ــ كما في المسألة السابقة ــ: ان الدية على المنخوسة, ولكنها ترجع بها على الناخسة، لكان وجهاً, والنتيجة واحدة. والمسألة بهذا المقدار, هو مورد النص. ولكن لا يفرق في هؤلاء الثلاثة بين النساء والرجال, والكبار والصغار, والعبيد والاحرار . لكن يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار شرائط القصاص وشرائط ضمان الدية ومقدارها . ومن ذلك انه يمكن ان تكون القفزة المفروضة، غير اختيارية اطلاقا، كما سبق. او اختيارية تماماً بحيث لا دخل للنخسة فيها حقيقة. فيكون القتل من شبه العمد، فتكون الدية على القافز. كما يمكن ان تكون القفزة اختيارية صادرة بسبب النخسة، فيكون من القتل الخطأ، وسيكون ضمان الدية على عاقلتي الناخسة والمنخوسة بالمناصفة. [مسألة 924] من دعا غيره ليلا، فاخرجه من منزله، فهو له ضامن, حتى يرجع الى منزله. فان فقد ولم يعرف حاله، فعليه ديته. فان ثبت الاعتداء من قبل آخر عليه، رجع الداعي بالدية عليه. وان ثبت موته, بسبب حيوان, او سقوط ونحوه, فالدية على الداعي على الاصح.
[مسألة 925] ان الضئر [المرضعة] اذا جاءت بالولد، فانكره الاهل, صدقت, مالم يثبت كذبها . فان علم [ولو بالاطمئنان] كذبها، وجب عليها احضار الولد. والمشهور ان عليها الدية مع عدم احضارها الولد، وهو احوط. ولو ادعت الضئر ان الولد قد مات, صدقت، ولا ضمان عليها.
[مسألة 926] لو استأجرت الضئر امرأة اخرى، ودفعت الولد اليها بغير اذن أهله، فجهل خبره، ولم تأت بالولد, فعليها ديته كاملة. ولا فرق في الولد في المسألتين الاخيرتين، بين الانثى والذكر . ولكن المفروض فيهما انه مدفوع اليها باختيار اهله, فلو لم يكن كذلك, كانت ضامنة, حتى من دون تعد ولا تفريط , كما لو اخذته غضباً او غفلة.
المقصد الثاني
في التسبيب للاتلاف
والمراد به هنا: كل فعل به التلف بعلة غيره [يعني بالواسطة لا بالمباشرة], بحيث لولا ذلك لما حصل التلف, كحفر البئر ونصب السكين والقاء الحجر وايجاد المعاثر او المزالق، ونحو ذلك.
[مسألة 927] لو وضع حجرا في ملكه، لم يضمن دية العاثر اتفاقا. ولو وضعه في ملك غيره، او في طريق سالك وعثر به شخص, فمات او جرح ,ضمن ديته. وكذلك لو نصب سكيناً, او حفر بئراً في ملك غيره او في طريق المسلمين ،فوقع عليها او فيها شخص فجرح او مات، ضمن ديته . هذا اذا كان العابر جاهلا بالحال, واما اذا كان عالماً بها, فلا ضمان على المسبب. وكذا على الاقوى لو كان العابر محتملا لمثل تلك الحال، فلم يحترس ، او احترس فلم ينفعه احتراسه. وان كان في الضمان في الفرض الاخيرة وجه.
[مسألة 928] لو حفر او جعل في الطريق المسلمين ما فيه مصلحة العابرين، فاتفق كونه سبباً لموت شخص او جرحه ، قيل: لا يضمن الحافر، وهو قريب.
[مسألة 929] اذا ادخلت المرأة أجنبياً في بيت زوجها، فجاء الزوج وقتل الرجل, فهل تضمن المرأة ديته؟. وجهان, أقربهما العدم.
[مسألة 930] لو كان يعلم صبيا السباحة، فغرق الصبي أتفاقا، ضمن المعلم اذا كان الغرق مستندا الى فعل المعلم، ولكنه لم يكن موجبا للغرق عادة . واما اذا لم يكن بفعله ، فلا ضمان عليه. ولا فرق في ذلك بين كونه صبياً او بالغا, او ذكر او انثى, او ان المعلم ذكر او انثى, حر او عبد. ولا أثر للتبري في ذلك.
[مسألة 931] اذا اشترك جماعة في قتل واحد منهم, خطأ . كما اذا اشتركوا في هدم حائط مثلا، فوقع على أحدهم فمات ، قيل : يسقط من الدية بمقدار حصة المقتول. والظاهر ان كل الدية على الباقين, وتدفعها العاقلة بالنسبة. وانما يكون ذلك فيما اذا صدق عرفا ان المقتول سبب ضمنا لقتل نفسه.
[مسألة 932] لو أراد اصلاح سفينة، فغرقت بفعله, كما لو دق مسمارا فقلع لوحة, او اراد ردم موضع فانهتك, ضمن ما يتلف فيها من مال. كما يضمن ما يتلف من نفس. في ماله، لانه من شبه العمد.
[مسألة 933] لا يضمن مالك الجدار, ما يتلف من انسان او حيوان, بوقوع جداره عليه، اذا كان قد بناه في ملكه, او في مكان مباح يقل سلوكه. وكذلك الحال لو وقع الجدار في طريق مترب، فمات شخص من غباره او من خوفه . نعم، لو بناه مائلا الى ملك غيره, او بناه في ملك الغير، فوقع على انسان او حيوان اتفاقا، فمات،ضمن .
[مسألة 934] لو بنى جداراً في ملكه, ثم مال الى الطريق او غير ملكه، فوقع على شخص فمات، ضمن المالك مع عمله بالحال, وتمكنه من الاصلاح. ولو وقع مع جهله, او قبل تمكنه من الازالة, او الاصلاح, او عند تعذرها ، لم يضمن.
[مسألة 935] يجوز نصب الميازيب وتوجيهها نحو الطرق النافذة، فلو وقعت او وقع منها انسان او حيوان ، لم يضمن, الا مع صدق التفريط عرفاً ، ولو باعتبار كونها غير متعارفة في البلد, او كانت ركة بنائها متعمدة. ويضمن ايضا اذا كانت في معرض الانهيار مع علم المالك بالحال وتمكنه من الاصلاح. دون مالم يعلم او لم يتمكن. وفي حكم نصب الميازيب اخراج الرواشن والاجنحة الى الشارع.
[مسألة 936] لو اجج ناراً في ملكه فسرت الى ملك غيره اتفاقا, لم يضمن. الا اذا تعمد جعلها في معرض السراية، كما لو كانت كثيرة او كانت الريح عاصفة. وكذا لو جعلها كذلك رجاء الاتلاف. ولو اججها في ملك غيره, بدون اذنه, ضمن ما يتلف بسببها من الاموال والنفوس . ولو كان قاصداً اتلاف النفس, او كان التأجيج مما يترتب عليه ذلك عادة، ولم يكون الشخص التالف متمكناً من الفرار والتخلص، وكان المؤجج يعلم ذلك ولو اجمالا، ثبت عليه القود.
[مسألة 937] لو ألقى قشر بطيخ او موز ونحوه, في الطريق، او أسال فيه الماء, فزلق
[[1]
] نخستها : دفعتها بعصا ونحوها , ونخس الدابة , دفعها بعصاً أو بمؤخرتها . انسان, فتلف او كسرت رجله مثلا ، ضمن . وكان ذلك من القتل الخطأ . [مسألة 938] لو وضع اناء على حائط، وكان في معرض السقوط، فسقط, فتلف به انسان أو حيوان او مال، ضمن . وان لم يكن كذلك وسقط اتفاقا لعارض، لم يضمن.
[مسألة 939] يجب على صاحب الدابة حفظ دابته الصائلة، كالبعير المغتلم[[1]]، والكلب العقو، فلو اهملهما, وجنيا على شخص, ضمن جنايتهما . ولو لم يمهملهما, فلا ضمان عليه. [مسألة 940] لو جنى على دابة صائلة، فان كان دفاعاً عن نفسه او ماله، لم يضمن، والا ضمن . والاقرب عدم الضمان لو قتلها, لدفع احتمال ضررها على الغير، اذا كان هذا الاحتمال راجحا . واما لو كان قتلها تشبها او كان انتقاما من جنايتها على نفس محترمة او نحو ذلك، ضمن.
[مسألة 941] اذا كان حفظ الزرع على صاحبه في النهار ــ كما جرت العادة به ــ فلا ضمان فيما افسدته البهائم . نعم ،اذا افسدته ليلا ، فعلى صاحبها, الضمان.
[مسألة 942] لو جنت دابة على اخرى، فان كانتا في ملك شخص, فلا ضمان , وان كانتا في ملك سخصين, فاما ان تكون احداهما مقيدة والاخرى سائبة, او كانتا معاً سائبتين. فهنا صورتان:
الصورة الاولى : ان تكون احداهما مقيدة والاخرى سائبة، فجنت السائبة على المقيدة، ضمن صاحبها جنايتها, اذا فرط في حفظها, والا فلا. وان جنت المقيدة على السائبة المهاجمة, كان هدرا .
الصورة الثانية : ان تكونا معا سائبتين . كما لو التقتا في الطريق او حبستا في مكان واحد, فيضمن صاحب الدابة الجناية مع تفريطه أيا كان منهما، وان جنت كلتا الدابتين، ضمناً معاً التفريط، غير ان للتهاتر هنا مجال.
هذا ولا يخفى ان ذلك يشمل اعتداء أي حيوانين مملوكين على بعضها البعض, سواء كانا من نوع واحد ام نوعين، وسواء كانا مأكولي اللحم أم لا أم بالاختلاف . وسواء كان من طبعه الهجوم, كالكلب مع الهرة، ام لم يكن.
[مسألة 943] اذا دخل شخص دار قوم، فعقره كلبهم، ضمنوا جنايته، اذا كان الدخول باذنهم، والا فلا ضمان عليهم.
[مسألة 944] اذا عقر كلب انسان خارج الدار. فان كان مالكه مفرطاً في حفظه عرفاً ضمن، والا فلا. ولا فرق في الضمان وعدمه بين الليل والنهار، غير ان طريقه الحفظ وصدق التفريط فيهما يختلف .
[مسألة 945] اذا اتلفت الهرة المملوكة مال أحد، فهل يضمن مالكها؟. قال الشيخ: نعم. بالتفريط مع الضراوة. والاظهر عدم الضمان لعدم امكان حفظ الهرة عرفاً. نعم ، لو اغراها بالاعتداء او كان مستطيعا طردها فلم يفعل، ضمن.
[مسألة 946] يضمن راكب الدابة ما تجنيه بيديها دون ما تجنيه برجليها . ويضمن قائدها وسائقها، ما تجنيه بيديها ورجليها معاً . سواء كانت الجناية مع التفريط ام لم تكن، غير ان الراكب, لا يضمن ما تجنيه برجلها مع عدم التفريط. ولكنهم لا يضمنون ما ضربته الدابة بحافرها, انساناً كان ام غيره، والا اذا عبث بها احد، فيضمن العابث جنايتها.
[مسألة 947] المشهور ان من وقف بدابته، فعليه ضمان ما تصيبه بيدها ورجلها معاً، مادام راكباً، سواء فرط ام لم يفرط, وهو الصحيح. الا اذا حاول منعها, فلم يفلح.
[مسألة 948] لو ركب الدابة رديفان، فوطأت شخصاً, فمات او جرح، فالضمان عليهما بالسوية, اذا كانا متساويان في التسلط على الدابة، والا ضمن المتسلط خاصة.
[[1]
] البعير المغتلم : الجمل الهائج الصؤول . [لسان العرب][مسألة 949] او ألقت الدابة راكبها، فمات او جرح، فلا ضمان على مالكها. نعم، لو كان ذلك مستندا الى تسبيبه, ضمن. [مسألة 950] لو حمل المولى عبده على دابته, فوطأت رجلا، ضمن المولى ديته، ولا فرق في ذلك بين ان يكون العبد بالغاً او غير بالغ. ولو كانت جنايتها على مال, لم يضمن الا مع التفريط .
[مسألة 951]لو شهر سلاحه في وجه انسان، ففر وألقى بنفسه في بئر او من شاهق اختيارا, فمات, فلا ضمان عليه. واما اذا كان بغير اختيار, كما لو كان اعمى او جاهلا بوجود البئر . فقيل: انه يضمن . والظاهر عدم الضمان، الا مع التفريط، كما لو استطاع امساكه او تحذيره, فلم يفعل . وكذلك الحال فيما اذا اضطره الى الدخول في مضيق، فافترسه سبع اتفاقاً, ونحو ذلك.
[مسألة 952] او اركب صبياً بدون اذن وليه على دابة، وكان في معرض السقوط، فوقع فمات، ضمن ديته. واذا كانت الدابة خطرة، كالصائلة ونحوها، فأركبه عمداً، قيد به .
[مسألة 953] لو اركب صبين على دابتين، فتصادما, فتلفا، ضمن ديتهما الكاملة معاً, ان كان المركّب واحد. وان كانا اثنين فهنا صورتان:
الصورة الاولى : ان يشترك الاثنان في اركاب كلا الصبين. فيضمن كل واحد منهما نصف دية كل منهما. وان كانوا ثلاثة, فعلى كل منهم ثلث دية كل منهما، وهكذا .
الصورة الثانية : ان يقوم كل من الشخصين باركاب طفل على دابة مستقلا عن الآخر, ثم حصل التصادم والتلف , فيضمن كل شخص دية من أركبه كاملة، دون الاخر .
وكذا الحال في الصورتين, لو اركبهما ولياهما مع وجود المفسدة فيه.
[مسألة 954] لو جاء السيل بحجر, او انفجر البركان بالحمم، فتلفت فيه نفوس او اموال، فلا ضمان على أحد. ولو رفع الحجر ووضعه في محل آخر، فان كان على نحو المحل الاول او أشد ضرراً منه، ضمن ما يتلف به. واما لو كان اقل ضرراً منه او مأمونا عادة من الضرر, لم يضمن.
[مسألة 955] من الاضرار بطريق المسلمين, ايقاف الدواب فيه, او القاء مزيد من القمامة فيه، او عرض الاشياء فيه للبيع بشكل خارج عن المتعارف. وكذا ايقاف السيارات كذلك. وكذا الركض المتزايد في الطريق, او ايجاد ضوضاء غير متعارفة، او ايجاد صنعة يدوية ونحوها، بشكل غير متعارف، كالنجار او الحداد على قارعة الطريق.
[مسألة 956] لو اصطدمت سيارتان او سفينتان، فهلك ما فيهما من النفس والمال او بعضه. فان كان ذلك بتعمد من القائدين لهما, او القيمين عليهما، فهو عمد, مضمون, ويقاد العامد بالنفس. وان لم يكن عن تعمد, وكان الاصطدام بفعلهما, او بتفريط منهما, مع عدم قصد القتل وعدم غلبة كون ذلك الاصطدام سبباً للقتل، فهو من شبه العمد. وعلى كل منهما على صاحبه, نصف دية من قتله, ونصف قيمة ما اتلفه. وعلى كل منهما, نصف دية صاحبة لو تلفا. ولو كان العمد من احداهما دون الآخر , كان ذلك هو الضامن, لما في كلتا المركبتين مما تلف من نفوس واموال. ولو كان التصادم بغير فعلهما, ومن غير تفريط منهما, بل لكثرة الريح او شدة الظلام ونحو ذلك ، فلا ضمان . ولو كانت احدى السفينتين او السيارتين واقفة، ولم يفرط صاحبها في محلها، لم يضمن .
المقصد الثالث
في تزاحم الاسباب
[مسألة 957] اذا كان احد شخصين مباشرا للقتل، والاخر سببا له، ضمن المباشر. كما اذا حفر بئرا في غير ملكه, ودفع الآخر ثالثاً فيها, فمات, فالضمان على الدافع اذا كان عالماً, واما اذا كان جاهلا، فالمشهور ان الضمان على الحافر, وفيه اشكال. ولا يبعد كون الضمان عليهما معاً .[مسألة 958] ومن تطبيقات القاعدة, ما اذا امسك احداهما شخصا, وذبحه الآخر، فالقاتل هو الذابح، كما تقدم. واما الممسك, فيسجن مدى الحياة .
[مسألة 959] ومن ذلك ما اذا وضع حجراً ــ مثلا ــ في كفة المنجنيق, او قنبلة في فوهة مدفع, وشغله الآخر، فاصاب شخصا, فمات او جرح, فالضمان على الثاني دون الواضع. ولكن يسجن مدى الحياة مع تعمده للنتيجة .
[مسألة 960] لو حفر بئراً في ملكه وغطاها, ودعا غيره, فسقط فيها, فمات. فان كانت البئر موجودة في معرض السقوط، كما لو كانت في ممر الدا, وكان قاصدا للقتل، او كان السقوط فيها مما يقتل غالباً وكان قاصدا للاسقاط, ثبت القود, والا فعليه الدية. وان لم تكن في معرض السقوط, واتفق سقوطه فيها، لم يضمن.
[مسألة 961] لو اجتمع سببان لموت شخص، كما اذا وضع احد حجرا ــ مثلا ــ ، في غير ملكه وحفر الاخر بئرا فيه، فعثر ثالث بالحجرة, فسقط في البئر, فمات, فالاشهر ان الضمان على من سبقت جنايته، وفيه اشكال , بل الاظهر ان الضمان على كلا الشخصين . نعم، اذا كان أحداهما متعديا او مفرطا, دون الاخر, ضمن المتعدي خاصة. كما اذا حفر شخص بئراً في غير ملكه، ووضع الآخر حجرا في ملكه, وصادفت قربه من البئر، فمات العاثر بسقوطه. فالاول هو الضامن.
[مسألة 962] اذا حفر بئراً في الطريق عدوانا، فسقط شخصان فيه، فهلك كل واحد منهما بسقوط الاخر فيها, فهنا ان لم نحرز تسبيب سقوط كل منهما للاخر، فالضمان على الحافر كاملا . وان احرزنا ذلك، ضمن الحافر نصف دية كل منهما, وضمن كل منهما نصف دية الاخر, وقد يحصل التهاتر.
[مسألة 963] لو قال شخص لآخر : الق متاعك في البحر لتسلم السفينة من الغرق, وكانت هناك قرينة ــ حالية او مقالية ــ على المجانية وعدم ضمان الآمر، كما هو الغالب، فالقاه المامور، فلا ضمان على الآمر. ولو امره بالقاء المتاع, وقال: وعلى ضمانه، ضمن. سواء كان الالقاء لغرض عقلائي, ام لم يكن على الاقوى.
[مسألة 964] لو امر شخص شخصا بالقاء متاعه في البحر، وقال: علي ضمانه وعلى ركاب السفينة كلهم, فان قال ذلك من قبلهم بتخيل انهم راضون به، ولكنهم بعد ذلك أظهروا عدم الرضا به, ضمن الآمر بقدر حصته من المال, دون تمام المال. وكذلك الحال لو ادعى الاذن من قبلهم، ولكنهم انكروا ذلك, ولم يكن للضامن من بينة على حصول الاذن . والاقرب كفاية الانكار في عدم الضمان من قبلهم, ولا يحتاج الى يمين.
[مسألة 965] نفس موضوع المسألة السابقة، ولكنه اذا قال: الق متاعك في البحر, وعليّ ضمانه وعلى ركاب السفينة، فلو لم يعطوا فانا ضامن. فانه يضمن كل المتاع اذا لم يقبلوا او اذا لم يعملوا او اذا عجزوا عن الدفع.
[مسألة 966] اذا وقع من شاهق او في بئر، وما شاكل ذلك، فتلعق بآخر, ضمن ديته. واذا تعلق الثاني بثالث, ضمن كل من الموال والثاني نصف دية الثالث . واذا تعلق الثالث برابع, ضمن كل من الثلاثة ثلث دية الرابع . واذا تعلق الرابع بخامس, ضمن كل من الاربعة ربع دية الخامس، وهكذا. هذا كله فيما اذا علم السابق بتعلق المجذوب بالآخر، والا فالقتل بالاضافة اليه, خطأ محض، تكون فيه الدية على العالقة. بنفس التقرير السابق. يستثنى من ذلك ما اذا وقع شخص في زبية أسد، فتعلق بآخر، وتعلق الثاني بثالث, والثالث برابع، فقتلهم الاسد. ضمن اهل الاول ثلث دية الثاني, والثاني ثلثي دية الثالث, والثالث كل دية الرابع . غير ان هذا خاص بما اذا لم يكن أحدهم قد أمر الآخر بالجذب او حثه عليه، والا دخل موردهم في الفرع السابق نفسه[مسألة 967] لو جذب غيره الى بئر ــ مثلا ــ فسقط الجذوب، فمات الجاذب بسقوطه عليه، فدمه هدر. ولو مات المجذوب فقط، ضمنه الجاذب. فان كان قاصداً لقتله او كان عمله مما يؤدي الى القتل عادة، فعليه القود. والا فعليه الدية . واذا مات كلاهما فدم الجاذب هدر، ودية المجذوب في مال الجاذب.
[مسألة 968] لو سقط في بئر ــ مثلا ــ فجذب شخصا ثانيا, وجذب الثاني ثالثاً، فسقطوا فيها جميعا، فماتوا كل منهم على الاخر . وهذا هو فرقه عن [المسألة966] حيث لا يفترض هناك موتهم بسقوط الاخر عليهم, وانما بسقوطهم على الارض. ففي موردنا, قيل: انه يكون على الاول ثلاثة أرباع دية الثاني وعلى الثاني ربع دية الاول, وعلى كل واحد من الاول والثاني نصف دية الثالث, ولا شيء على الثالث. ومنشؤة ان كل واحد منهم تسبب الى موت الاخر. بمعنى ان كلا من التقدم والمتأخر شارك في قتل احداهما الآخر. بخلاف المسألة السابقة، فان المتأخر فيها لم يشارك في قتل المتقدم, لانه لم يفترض فيها سقوطه عليه. غير ان الاظهر عرفاً ان قتل المتأخر للمتقدم غير اختياري تماماً، فلا يكون مضمونا، ومعه فيدخل هذا الفرع في موضوع تلك المسألة نفسها, ويطبق عليه حكمها.
[مسألة 969] لو حفر شخص بئرا قليل العمق، فعمقها آخر، فهل الضمان على الاول ام الثاني ام عليهما ، ان تلفت فيها نفس او مال؟. الاظهر التفصيل: بين ما اذا كان عمق كافيا للقتل، فيضمن الاول ، والا فيضمن الثاني .
[مسألة 970] لو اشترك اثنان او اكثر في وضع حجر او حفر بئر او نحوها، مما يكون مظنة الخطر، فالضمان على الجميع، والظاهر انه بالسوية, وان اختلفت قواهم . نعم ، لو اختلف زمن عملهم, امكن التقسيم بينهم بالنسبة.
.